حيونة الإنسان
لـ ممدوح عدوان
عدد الصفحات: ٢٨٤
التقييم: ٥/٤
المراجعة:
ملاحظة: الكتاب قد لا يناسب أصحاب القلوب الضعيفة لما فيه من أوصاف قاسية ونبرة المؤلف في غاية العنف ومن الواضح جداً الغضب.
يبدأ المؤلف بشرح سبب تسميت الكتاب بهذا الاسم "حيونة الانسان". فمن المتعارف عليه أن الإنسانية صفة تطلق على أي مؤنس يتصف بالرحمة ولين القلب، فما يتعجب منه أن الله سبحانه وتعالى ميز الإنسان عن سائر المخلوقات بالعقل ولكن برجوعنا إلى أفعال بعض البشر المخزية نجده مخلوق يتشابه في كثير من الصفات مع الحيوانات والوحوش، بل نجد في بعض الأحيان أن الحيوانات أفضل بكثير من البشر. فغريزة القتل عند الحيوان مرتبطة بغريزة البقاء ولكن البشر فكثير من الأحيان يقتلون من أجل الاستمتاع، فنري الكثير منهم يتلذذ بالقتل والتعذيب ويستمتع بالاغتصاب وغيره من الممارسات الشاذة.
اذاً من هو الإنسان؟ وماهي الإنسانية؟ وهل هناك فرق بين الإنسان والإنسانية؟
هل العنف صفة وحشية أو حيوانية أم هي غريزة إنسانية؟
من الواضح أن الكتاب بمثابة بحث لعديد من المراجع والكتب والنصوص الأدبية، أيضا ما يتضمنه من شواهد لبعض التجارب والمقالات العلمية، وذكره لبعض المجازر والحروب على مر التاريخ، كما تطرق للكثير من المواضيع والأفكار المنتشرة.
ناقش المسؤولية الأخلاقية بين صاحب السلطة والمأمور أو كما سمي في الكتاب "الجلاد"، فيصف أفعال الجلاد بتبريره ما يقوم به من مجازر وقتل وسلب ونهب وتعذيب في السجون وغيره من الأفعال الشائنة بأنها تلبية لأوامر أصحاب السلطة وسادته. فما هي الآثار النفسية على الجلاد والضحية، وما يحدث من خوف ورعب في المجتمع عند انتشار هذه الأفعال والأحكام والعقوبات. الإنسان بطبعه لا يقبل الإهانة والاذلال، فبمجرد تقبله الإهانة يتوجب عليه ردها بإهانة شخص آخر أقل منه مرتبة ليشعر بكرامته التي سلبت منه. وهذا المبدأ الذي ارتكزت عليه أسس الدول العميقة دولة الاستبداد والظلم.
ما يترتب عليه من أفكار متطرفة وديكتاتورية في استبداد الشعوب، فما يبحثون عنه هو الموت الداخلي وليس الخارجي، باتباع الأسلوب الكائد من دس لأفكار ومعتقدات وربطها بالدين والأخلاق واعتبارها ذات أصول الألوهية، تبريرا لاستبدادهم. ايضاً الامتيازات التي تمنح لفئة مصطفاة دون غيرهم على سبيل المثال النازية وغيرهم الكثير الكثير... الخ فنرى غسل أدمغتهم بمنحهم صفة السمو وأحقية العيش وأعطاهم الحق الكامل في سلب حياة أشخاص أبرياء فقط لأنهم صنفوا في مرتبة أقل منهم، وهذه ما يقودنا إلى "النرجسية الجماعية". فكثير ما نسمع ونري دول تدعي التحضر وتدعي تطبيق حقوق الإنسان والعدل والمساواة ولكن ما هو غير مرئي أو غير مباشر تطبيقهم سياسة الخيارين أم "الاستسلام والانصياع أو الإبادة" ومن هنا يبدأ التفنن باستخدام وسائل الإبادة.
أيضا تطرق للأفكار الذكورية ونظرة المجتمع بجعل الذكر في مركز قوة ومنحه فخر القتل باسم الشرف واضطهاده للمرأة يمنحه هيبة ومقام رفيع بين أشباهه، فيقتصر نظره للمرأة على أنها وعاء احتياطي تستخدم فقط لتفريغ شهواته وأداة تستخدم لمنع انقراض الجنس البشري. فنجد الكثير منهم يستخدم الاغتصاب وسيلة للترهيب والتهديد وعلى إنه سلاح متوفر في يده يستخدمه على من يشاء وقت ما يشاء بل أصبح منهم من يتباه بفعلته ويستمد قوته ويتلذذ بألم الضحية واخضاعها لرغباته.
طالما كان هذا السؤال يدور في عقلي وقد تطرق له المؤلف في الكتاب. كيف لإنسان أن يستثار باغتصابه ميت غير عابئ بحرمته؟
تاريخ الاستبداد الذي صاحب الإنسان من أول عصر في التاريخ، فالإمبراطورية الرومانية خير مثال على ذالك، تتمثل في الألعاب الوحشية في مدرجات روما كوسيلة للترفيه والاستمتاع من قتل وضرب أمام حشود كبيرة من الجماهير يصفقون ويشجعون لما يحدث من وحشية. وبالعودة الي حاضرنا وما يتمثل في الفن والسينما ووسائل الترفيه والإعلام، التي أصبحت تتضمن العنف بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. ومن هنا نواجه مشكلة كبيرة وهي مشكلة التعود على العنف، فأصبح الإعلام والترفيه المعاصر يساهم في نشر "ثقافة التعود" بدمجهم العنف والسادية، فنرى الكثير من الأشخاص يستمتعون بهذا النوع من الترفيه وأن كان من وراء الشاشات أو على أرض الواقع، فبتنا نشاهد الجرائم ونسمع عن الكوارث والمجاعات كأمر مألوف، ومن هنا يبدأ الاستسهال ومن ثم التطبيع مع الأخبار السيئة.
أخيراً: لم يعجبني أسلوب المؤلف، كان هجومي واندفاعي بشكل ملحوظ، استمتعت بالفصول الأولى من الكتاب، لكن شعرت بالملل من كثرة التكرار والإعادة خاصة في الفصول الأخيرة.
Komentarai