top of page
Writer's pictureTagreed Hassan

الإخوة كارامازوف

Updated: Nov 29, 2023

لماذا علينا قراءة الإخوة كارامازوف؟


الإخوة كارامازوف لـ فيودور دوستويفسكي
الإخوة كارامازوف لـ فيودور دوستويفسكي

الإخوة كارامازوف

لـ فيودور دوستويفسكي

التقييم: ٥/٥

ملاحظة:


- هي اخر رواية لـفيودور دوستويفسكي، نشرت في عام ١٨٨٠ م.

- الرواية مقسمة في أربعة كتب، إي ما يعادل ١٥٠٠ صفحة أنصح بقراءة ترجمة "سامي الدروبي".

- الأحداث والأسماء كثيرة جداً والحوارات مهمة فالتركيز مهم للغاية، أنصح برسم شجرة عائلة كارامازوف وتدوين أسم كل شخصيه ولقبه.

المراجعة:

الرواية درامية إجتماعية شاملة وجامعة لكثير من المشاكل الأخلاقية والإنسانية والنفسية إلى يومنا هذا، تتمثل في شخصيات وأحداث الرواية، فكل شخص في رواية يمثل شخص في واقعنا، وكل حدث في الرواية يمثل مسألة كانت تشغل المجتمع القديم والحديث، من أسئلة فلسفية ووجودية وفكرية وعقائدية، من صراع الخير والشر، الظلم والعدل، الحب والجنس والكره، الصداقة والخيانة، الموت والحياة، الإيمان والشك. وهذا لا يقتصر فقط على علاقة البشر مع بعضهم البعض، بل ايضاً علاقتهم مع الماديات، في كيفيه ارتباط النفس البشرية بالمال والثروات وغيرة. وهنا تكمن عبقرية دوستويفسكي.

تدور أحداث الرواية حول قصة عائلة "فيودور بافلوفتش كارامازوف" وهو أب العائلة لديه ثلاثة من الأبناء وابن واحد غير شرعي كما يشاع عنه في المدينة. فيودور كارامازوف هو مخلوق حقير، فاسق، دني، قذر، مرابي، سكير ،يحب النساء، بخيل، خائن، حقود، غير مسؤول، أناني لا يفكر سوا في نفسه وشهواته القذرة، لم أجد فيه ذرة من الصفات الحسنة، مجرم بحق نفسة وبحق عائلته وبحق المجتمع كله. تزوج مرتان وكان ثمرة هذه الزيجات التالي:


- الأبن الأكبر من الزوجة الاولي: دميتري فيدروفتش "ميتيا". ضابط في الجيش.

- الابن الثاني من الزوجة الثانية: إيفان فيدروفتش. مفكر متعلم ومثقف.

- الابن الثالث من الزوجة الثانية: ألكسي فيدروفتش "أليوشا". راهب في الدير.

- الابن الرابع الغير شرعي: بافل فيدروفتش "سمردياكوف". يعمل كخادم وطباخ في بيت كارامازوف.

تظهر الرواية الجانب النفسي للشخصيات بحيث تشرح لنا مراحل تربية جميع الأبناء منذ صغرهم، فيودور الأب لم يتفرغ في تربيت أي أحد منهم، فمثلاً أحد الأبناء ظهرت عليه سلوك عدوانية وغير طبيعية ومخالفة للفطرة البشرية منذ فترة مبكرة من العمر مما يمثل أنعكاس واضح ساهم في تغير مجري أحداث الرواية، وكيف أن سمردياكوف ظهر عليه ذكاء في وقت مبكر تمحورت في نقاشات حدثت بينه وبين المربيه في سن صغير جداً، من ناحية آخرى لطف أليوشا الذي ظهر عليه منذ نعومة أظافره. كما يمثل ميتا في الرواية بإن ليس هناك شراً أو خير مطلق، فنرى كيف أفعاله الخارجية تناقض معتقداته الداخلية، فهو يتمسك بنبل أخلاقه رغم ما يظهره في الخارج من قبح أفعال. وهذا يقودنا للتساؤل هل الصفات الحسنة و السيئة مكتسبة أم جينات تورث؟ كان المجتمع حينها يؤكد على أن عائله كارامازوف توارثت الحقارة والدناءة، وأن الشر فيهم أصل متأصل، وهذا المسالة باتت محل نقاش وتساؤلات حتى يومنا هذا؟

تتطرق الرواية لعديد من المحاور التي تأخذ إبعاد مختلفة من حوارات تدور في دواخل نفوس الشخصيات ومن أحداث متسارعة، تصور تعامل المجتمع مع هذا الأحداث بين مؤيدين ومنتقدين سوا كان الحدث جيد أو سيء.

وكيف أن الخلافات العائلية التى تحدث يمكن أن يكون لها تأثير كبير في المجتمع، وكيف أن الاخوة الذين ترعرعوا تحت سقف واحد لكل منهم تفكيره ومعتقده المختلف عن الاخر، اذ يظهر لنا حوار فلسفي وديني شيق بين إيفان المثقف والملحد مع شقيقاه أليوشا الراهب والمؤمن بالرب وبالقضاء والقدر، انتهى بقصيدة نثرية "المفتش الكبير" ألقاها إيفان.

التطورات النفسية والعاطفية للشخصيات التي حدثت بتغير المكان والزمان كانت محبوكة بشكل واقعي ورائع. مثلاً نجد إيفان الشاب المثقف، المتأثر بالثقافة الغربية ونظرته لمجتمعه ونظرة المجتمع له في ذلك الوقت، وكيف تعامل مع هذا التفاوت الفكري الواضح في مجتمع يهتم بالعادات والتقاليد. ربما يمثل إيفان فائه كبيره من شباب اليوم المتأثر بثقافة الغرب فهل هذا التأثير سلبي أم إيجابي؟

العلاقات الرومانسية كان لها نصيب في هذه الرواية، حيث للحب مفهوم مختلف من شخص لآخر، فنري كيف يربط فيودور ألاب الحب بالجنس والمال، ومن ناحية أخرى تظهر لنا علاقة حب جميلة وعفيفة بين أليوشا و ليزا. وهناك الكثير والكثير من التعقيدات في العلاقات العاطفية التي تسمو أحيانًا الى مرحلة الطيش. أيضًا كيف يقابل الحب من طرف واحد. و الاعتراف بالحب بين رفض و قبول.

الموت كان له حضور قوي في هذا الرواية، تمثلت في الميت نفسة ومن حوله من أقارب وأصدقاء والمجتمع، فتظهر لنا وقعه لم تكن في الحسبان حدثت قي الدير مع أحد الرهبان. فيظهر لنا كيف أن البعض يترصد الموت كفرصة لإظهار العداوة والشماتة، حتى الموت لم يكن رادعاً لهم "فان لم يكن الموت، فما الذي يردعكم إذًا ".

في المقابل نرى كيف يستقبل البعض الحزن بعد فقد عزيز والألم الذي ترجم في عدة تصرفات وسلوك تختلف من شخص لآخر.

وأخيراً تقع الجريمة وتحدث ضجه عارمة في كل إرجاء روسيا. تناقش الرواية الجريمة من بعد نفسي وديني والفلسفي. يؤمن أحد الابطال بمبدأ ترتكز عليه الجريمة الا وهي "إذا لم يكن الإله موجوداً، فكل شي مباح". بهذا المبدأ يدعى المجرم نشوب الجريمة.

اذاً هل يعتبر الفكر جريمة؟ و ما مدى حدود الفكر؟ وهل يمكن أن تبرر الجريمة بداعي أخلاقي أو لمبدأ أو الدين؟

كما إشارة أيضاً لمبدأ "المسؤولية الأخلاقية المشتركة" وهو أن المسؤولية الفردية ملازمة للجماعة، أي أن أي تصرف من شخص واحد قد يوثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على المجتمع بكاملة، اي أن على المجتمع أن لا يحمل كامل المسؤولية على شخص واحد بعينة، وهذا ما يسرد لنا في حوار أخلاقي وديني، و هذا ما تسند عليه الجريمة من منظور فلسفي.

تتسلسل الرواية في عرض إختلاف البشر في تقبل الجريمة واختلاف مفاهيمهم للجريمة فمنهم من تعاطف مع الجاني ومنهم من أدان فعلته، ومنهم من تعاطف مع المجني عليه ومنهم من هلل بما حدث له.

تتكون الجريمة من شكل رئيسي وفرعي، غالبًا ما يظهر لنا المجرم الرئيسي وهو من له صله مباشرة بالجريمة مثل من يقوم بقتل أو سرقة...الخ، وهناك ما يسمي بالمجرم الخفي أو "المساعد" كما يسميه القانون وهو المجرم ذو الصلة الغير مباشرة بالجريمة يتمثل في بعض الأفعال والاقوال مثل التحريض والمساعدة في نشوء الجريمة.

اذاً من هو المجرم الفعلي ومن المسؤول عن وقوع الجريمة؟ ولماذا يجرم هذا ويبرر هذا؟

وكيف أن المتهم البريء ولكن مذنب في نظر القانون ينفذ المجتمع عليه حكم عقوبة الإعدام من خلال نظرتهم له.


الترتيبات محنكة في سير القضية بداً من أستجواب والتحقيق مع المتهم من أفراد الشرطة والنائب العام وقاضي التحقيق والأطباء الشرعيين والأدلة والشهود. ولا بد لي أن أذكر روعة الحوارات و النقاشات التي دارت بين محامي الدفاع ووكيل النيابة والشهود في المحكمة كانت ممتعة جدًا. أيضا أستخدام بعض الأساليب الذكية للتلاعب في عواطف الحاضرين وهيئة المحلفين، كان له سبب واضح في تغير سير القضية وكان سبباً في النطق بحكم مثير للجدل.

من أجمل الصور التي طرحت في المحكمة مرافعة محامي الدفاع، سرد فيها تعريف وافي لمعني الأمومة والأبوة اذ قام بتقديم درس رائع في تربية الأطفال و تركيبه العائلة وما ينتج من خلافات وتفكك في العائلة كفيل في خلق سلوك منحرف في المستقبل، وبالتالي يوثر سلفاً في المجتمع. فليس كل أب يستحق هذا الشرف وليس كل من حملت وولدت تستحق شرف الأمومة فالأبناء أجمل نعمة وهدية، حافظوا على هذه النعمة العظيمة بالتربية الصالحة.

الحوارات جميلة جداً والأحداث مشوقة، أحيانًا تكون أنت بطلاً في الرواية، حيث بعض الأحداث والنقاشات تلامس القلب وقريبة جداً من واقعنا. بناء الشخصيات وتطورها منطقي جداً مع ذكر العوامل المؤثرة التي كانت سبب في صقل شخصياتهم في المستقبل.

البعض يعتبر كثرة الشخصيات عيب في الرواية لكن وجدتها ميزة. فكثرة الشخصيات لم تكن عبثية، فكل شخصية أو حدث له أهميته الخاصة من زاوية مختلفة.

277 views0 comments

Recent Posts

See All

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page